الشاعر أبو فراس الفرزدق ( رحمه الله )
( 38 ـ 110 هـ )
اسمه ونسبه :
همام بن غالب بن صعصعة التميمي ، وكان أبوه غالب جواداً شريفاً ، ووفد جده صعصعة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلم .
وكان في الجاهلية يمنع وأد البنات ، فلم يترك أحداً من بني تميم يئد بنتاً له إلا فداها .
كنيته ولقبه :
يُكَنَّى شاعرنا بـ ( أبي فراس ) ، ومشهور بلقب ( الفرزدق ) .
ولادته :
ولد الشاعر الفرزدق عام 38 هـ .
نشأته وسيرته :
يعتبر الفرزدق من شعراء العرب المشهورين ، وله منزلة خاصة بين الشعراء ، ولِقُوَّةِ شعره وضع في طبقة الشاعر زهير بن أبي سلمة الذي عاش في زمن الجاهلية .
وروي أن أبا فراس الفرزدق كان فتىً يمشي مع أبيه غالب ، فوفدوا على الامام علي ( عليه السلام ) فقال الإمام لغالب : ( من هذا الفتى ) .
قال : ابني الفرزدق وهو شاعر .
قال ( عليه السلام ) : ( علِّمه القرآن ، فإنّه خير له من الشعر ) ، فكان ذلك في نفس الفرزدق حتّى قيَّد نفسه ، وآلى أن لا يَحِلَّ قيده حتى يحفظ القرآن .
وكان الفرزدق سيداً جواداً ، وجيهاً عند الخلفاء والأمراء ، هاشمي الرأي ، يمدح أحياءهم ، ويؤبن موتاهم ، ويهجو بني أمية وأمراءهم .
فهجا معاوية بن أبي سفيان ، وزياد بن أبيه ، وهشام بن عبد الملك ، والحجَّاج بن يوسف وغيرهم .
قوَّة شعره :
قالت العرب : لو لم يكن شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب .
واختلف العلماء في شعر الفرزدق وجرير وأيهما أشعر ، لكن أكثرهم يقدِّم شعر الفرزدق حتى الشاعر جرير يفضله على نفسه .
قال الجاحظ : إن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعراً لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق ، فإنك لا ترى شاعراً قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره .
وهجا هشام بن عبد الملك الأموي ، عندما أمر بحبسه في منطقة عسفان بين مكة والمدينة ، لأنه مدح وأثنى على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في موسم الحج :
أَيحسَـبُنِي بين المَدينةِ والتِيليها قُلوبُ النَّاسِ يَهوي منيبُهَايُقَلِّبُ رأساً لم يَكُن رأسَ سَيِّدٍعيناً لَهُ حَولاء بَادَ عُيُوبُـهَا
فبعث إليه هشام على أثر ذلك ، وأطلق سراحه .
في مدح الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام )
حجّ هشام بن عبد الملك ، فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه وطاف به أهل الشام ، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام علي زين العابدين (عليه السلام) ، وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة ، بين عينيه ثفنة السجود ، فجعل يطوف ، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له .
فقال شامي : من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لا أعرفه ـ لئلاّ يرغب فيه أهل الشام ـ فقال الفرزدق وكان حاضراً : لكنّي أنا أعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟ فأنشأ قصيدته المشهورة :
يا سائلي أين حلّ الجـود والكـرمعندي بيان إذا طلا بـه قدمـواهـذا الذي تعرف البطحاء وطأتـه والبيت يعرفه والحـلّ والحـرمهـذا ابن خيـر عبـاد الله كلّهـمهذا التقيّ النقيّ الطاهـر العلـمهـذا الذي أحمـد المختـار والدهصلّى عليه إلهي ما جرى القلـملو يعلم الرّكن من قد جـاء يلثمـهلخرّ يلثم منـه ما وطـى القـدمهـذا علـي رسـول الله والــدهأمسـت بنور هـداه تهتدي الأممهذا ابن سـيّدة النسـوان فاطمـةوابن الوصـي الذي في سيفه نقمإذا رأتـه قريـش قـال قائلهــاإلى مكارم هـذا ينتهـي الكـرميكـاد يمسـكه عرفـان راحتـهركن الحطيم إذا ما جـاء يسـتلموليـس قولك مـن هذا بضـائرهالعرب تعرف من أنكرت و العجميُنمى إلى ذروة العزّ التي قصرتعن نيلها عرب الإسـلام والعجميُغضي حياءً ويُغضـى من مهابتهفمـا يكلّــم إلاّ حيـن يبتسـمينجاب نور الدجى عن نور غرّتهكالشمس ينجاب عن إشراقها الظلمبكفّـه خيـزران ريحـه عبـقمـن كف أروع في عرنينه شممما قـال لا قطّ إلاّ فـي تشـهّدهلولا التشـهّد كانـت لاؤه نعـممشـتقّة من رسـول الله نبعتـهطابت عناصـره والخيم والشيمحمّال أثقـال أقـوام إذا فدحـواحلو الشـمائل تحلو عنـده نعمإن قال قال بما يهوى جميعهـموإن تكلّـم يومـاً زانـه الكلمهذا ابن فاطمـة إن كنت جاهلهبجدّه أنبيـاء الله قـد ختمـواالله فضّـله قدمــاً وشــرّفهجرى بذاك لـه في لوحه القلممن جدّه دان فضل الأنبياء لـهوفضل أُمّتـه دانت لهـا الأُممعمّ البريّة بالإحسان وانقشـعتعنها العمايـة والإملاق والظلمكلتا يديـه غياث عـمّ نفعهمـايستو كفان ولا يعروهمـا عدمسـهل الخليقة لا تخشى بوادرهيزينه خصلتان الحلمُ والكـرملا يخلف الوعد ميموناً نقيبتـهرحب الفناء أريب حين يُعترممن معشر حبّهم دين وبغضهمكفر وقربهم منجى ومعتصـم
فغضب هشام ومنع جائزته وقال : ألا قلت فينا مثلها ؟ قال : هات جدّاً كجدّه وأباً كأبيه وأُمّاً كأمّه حتّى أقول فيكم مثلها ، فحبسوه بعُسفان بين مكة والمدينة .
الشاعر أبو فراس الفرزدق
<h1>ينظم في ذكر الموت</h1>ألم تـر أن الناس مات كبيـرهموقد كان قبـل البعث بعـث محمدِولم يغن عنـه عيش سبعين حجةوسـتين لمـا بـات غير موسـدِإلى حفرة غبـراء يكـره وردهاسـوى أنها مثـوى وضيـع وسيدِولو كان طوال العمر يخلد واحداًويدفـع عنـه عيـب عمرو ممردِلكان الذي راحـوا بـه يحملونهمقيمـاً ولكـن ليـس حـي بمخلدِنروح ونغـدو والحتوف إمامنـايضعن لنا حتف الردى كل مرصدِوقد قال لـي ماذا تعـد لما ترىفقيـه إذا مـا قـال غيـر مفنـدِفقلت لـه أعددت للبعـث والذيأرى بـه أنّــي شـهيد بأحمـدِوأن لا إله غيـر ربّي هـو الذييميت ويحيي يـوم بعث وموعـدِوهذا الذي أعددت لا شيء غيرهوإن قلت لي أكثر من الخير وازددِفقال لقد أعصـمت بالخيـر كلّهتمسـك بهـذا يـا فرزدق ترشـدِ
توفّي الشاعر أبو فراس الفرزدق عام 110 هـ بمدينة البصرة في العراق
( 38 ـ 110 هـ )
اسمه ونسبه :
همام بن غالب بن صعصعة التميمي ، وكان أبوه غالب جواداً شريفاً ، ووفد جده صعصعة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلم .
وكان في الجاهلية يمنع وأد البنات ، فلم يترك أحداً من بني تميم يئد بنتاً له إلا فداها .
كنيته ولقبه :
يُكَنَّى شاعرنا بـ ( أبي فراس ) ، ومشهور بلقب ( الفرزدق ) .
ولادته :
ولد الشاعر الفرزدق عام 38 هـ .
نشأته وسيرته :
يعتبر الفرزدق من شعراء العرب المشهورين ، وله منزلة خاصة بين الشعراء ، ولِقُوَّةِ شعره وضع في طبقة الشاعر زهير بن أبي سلمة الذي عاش في زمن الجاهلية .
وروي أن أبا فراس الفرزدق كان فتىً يمشي مع أبيه غالب ، فوفدوا على الامام علي ( عليه السلام ) فقال الإمام لغالب : ( من هذا الفتى ) .
قال : ابني الفرزدق وهو شاعر .
قال ( عليه السلام ) : ( علِّمه القرآن ، فإنّه خير له من الشعر ) ، فكان ذلك في نفس الفرزدق حتّى قيَّد نفسه ، وآلى أن لا يَحِلَّ قيده حتى يحفظ القرآن .
وكان الفرزدق سيداً جواداً ، وجيهاً عند الخلفاء والأمراء ، هاشمي الرأي ، يمدح أحياءهم ، ويؤبن موتاهم ، ويهجو بني أمية وأمراءهم .
فهجا معاوية بن أبي سفيان ، وزياد بن أبيه ، وهشام بن عبد الملك ، والحجَّاج بن يوسف وغيرهم .
قوَّة شعره :
قالت العرب : لو لم يكن شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب .
واختلف العلماء في شعر الفرزدق وجرير وأيهما أشعر ، لكن أكثرهم يقدِّم شعر الفرزدق حتى الشاعر جرير يفضله على نفسه .
قال الجاحظ : إن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعراً لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق ، فإنك لا ترى شاعراً قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره .
وهجا هشام بن عبد الملك الأموي ، عندما أمر بحبسه في منطقة عسفان بين مكة والمدينة ، لأنه مدح وأثنى على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في موسم الحج :
أَيحسَـبُنِي بين المَدينةِ والتِيليها قُلوبُ النَّاسِ يَهوي منيبُهَايُقَلِّبُ رأساً لم يَكُن رأسَ سَيِّدٍعيناً لَهُ حَولاء بَادَ عُيُوبُـهَا
فبعث إليه هشام على أثر ذلك ، وأطلق سراحه .
في مدح الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام )
حجّ هشام بن عبد الملك ، فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه وطاف به أهل الشام ، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام علي زين العابدين (عليه السلام) ، وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة ، بين عينيه ثفنة السجود ، فجعل يطوف ، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له .
فقال شامي : من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لا أعرفه ـ لئلاّ يرغب فيه أهل الشام ـ فقال الفرزدق وكان حاضراً : لكنّي أنا أعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟ فأنشأ قصيدته المشهورة :
يا سائلي أين حلّ الجـود والكـرمعندي بيان إذا طلا بـه قدمـواهـذا الذي تعرف البطحاء وطأتـه والبيت يعرفه والحـلّ والحـرمهـذا ابن خيـر عبـاد الله كلّهـمهذا التقيّ النقيّ الطاهـر العلـمهـذا الذي أحمـد المختـار والدهصلّى عليه إلهي ما جرى القلـملو يعلم الرّكن من قد جـاء يلثمـهلخرّ يلثم منـه ما وطـى القـدمهـذا علـي رسـول الله والــدهأمسـت بنور هـداه تهتدي الأممهذا ابن سـيّدة النسـوان فاطمـةوابن الوصـي الذي في سيفه نقمإذا رأتـه قريـش قـال قائلهــاإلى مكارم هـذا ينتهـي الكـرميكـاد يمسـكه عرفـان راحتـهركن الحطيم إذا ما جـاء يسـتلموليـس قولك مـن هذا بضـائرهالعرب تعرف من أنكرت و العجميُنمى إلى ذروة العزّ التي قصرتعن نيلها عرب الإسـلام والعجميُغضي حياءً ويُغضـى من مهابتهفمـا يكلّــم إلاّ حيـن يبتسـمينجاب نور الدجى عن نور غرّتهكالشمس ينجاب عن إشراقها الظلمبكفّـه خيـزران ريحـه عبـقمـن كف أروع في عرنينه شممما قـال لا قطّ إلاّ فـي تشـهّدهلولا التشـهّد كانـت لاؤه نعـممشـتقّة من رسـول الله نبعتـهطابت عناصـره والخيم والشيمحمّال أثقـال أقـوام إذا فدحـواحلو الشـمائل تحلو عنـده نعمإن قال قال بما يهوى جميعهـموإن تكلّـم يومـاً زانـه الكلمهذا ابن فاطمـة إن كنت جاهلهبجدّه أنبيـاء الله قـد ختمـواالله فضّـله قدمــاً وشــرّفهجرى بذاك لـه في لوحه القلممن جدّه دان فضل الأنبياء لـهوفضل أُمّتـه دانت لهـا الأُممعمّ البريّة بالإحسان وانقشـعتعنها العمايـة والإملاق والظلمكلتا يديـه غياث عـمّ نفعهمـايستو كفان ولا يعروهمـا عدمسـهل الخليقة لا تخشى بوادرهيزينه خصلتان الحلمُ والكـرملا يخلف الوعد ميموناً نقيبتـهرحب الفناء أريب حين يُعترممن معشر حبّهم دين وبغضهمكفر وقربهم منجى ومعتصـم
فغضب هشام ومنع جائزته وقال : ألا قلت فينا مثلها ؟ قال : هات جدّاً كجدّه وأباً كأبيه وأُمّاً كأمّه حتّى أقول فيكم مثلها ، فحبسوه بعُسفان بين مكة والمدينة .
الشاعر أبو فراس الفرزدق
<h1>ينظم في ذكر الموت</h1>ألم تـر أن الناس مات كبيـرهموقد كان قبـل البعث بعـث محمدِولم يغن عنـه عيش سبعين حجةوسـتين لمـا بـات غير موسـدِإلى حفرة غبـراء يكـره وردهاسـوى أنها مثـوى وضيـع وسيدِولو كان طوال العمر يخلد واحداًويدفـع عنـه عيـب عمرو ممردِلكان الذي راحـوا بـه يحملونهمقيمـاً ولكـن ليـس حـي بمخلدِنروح ونغـدو والحتوف إمامنـايضعن لنا حتف الردى كل مرصدِوقد قال لـي ماذا تعـد لما ترىفقيـه إذا مـا قـال غيـر مفنـدِفقلت لـه أعددت للبعـث والذيأرى بـه أنّــي شـهيد بأحمـدِوأن لا إله غيـر ربّي هـو الذييميت ويحيي يـوم بعث وموعـدِوهذا الذي أعددت لا شيء غيرهوإن قلت لي أكثر من الخير وازددِفقال لقد أعصـمت بالخيـر كلّهتمسـك بهـذا يـا فرزدق ترشـدِ
توفّي الشاعر أبو فراس الفرزدق عام 110 هـ بمدينة البصرة في العراق